الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

مستهل رواية جنون المتاهة لادم فولدز

 مستهل أو مجتزأ من رواية جنون المتاهة للكاتب الانجليزي آدم فولدز,,,



قد أرسلوه ليجمع الحطب من الغابة, أعوادٌ و أخشاب قد اقتلعتها العاصفة. التقاه الضوء و هو يخطو للخارج, قابله النهار الحي بتفاصيله, و ثمة شحرور مرفرف و قد بني عشه في شجرة التفاح.
سائراً باتجاه الغابة, المرج, يشير بعيداٌ. تتوالي تموجات الجندول الاصفر بنعومة في النسيم و تمتد بعد ذلك في عزلة مجهولة.
كان من صبيان القرية و عرف اليقين اكثر من مرة. عرف أن حافة العالم تقع علي بعد مسيرة يوم, هناك في الأفق, حيث يلمس سحاب السماء سطح الأرض. فكر أنه عندما سيصل الي هناك سيجد حفرة عميقة. و سيكون بأمكانه ان ينظر في اعماقها فيعرف اسرار العالم. عرف كذلك ان بامكانه رؤية السماء علي سطح الماء, صبي يجثو علي ركبتيه يحدق في السطح المتماوج لبركة صغيرة أو مجري مائي ضحل يلتمع فيما حوله من حصي و احجار.
انطلق في الشذا الاصفر الواسع. في الغابة التي يمكنه ان يجمع منها ما يشاء اثناء عودته.
سرعان ما كان قد ابتعد عن القرية كما لم يفعل من قبل, ذهب الي ابعد من العش الصلب الاليف لكوخه. كان يسير بهدوء خارج حدود معرفته, في عالم حيث طيور و ازهار لا تعرفه, و حيث لم يقع ظله من قبل.
اصابه ذلك بالارتباك, بدأ يفكر أن الشمس كانت تضئ سماء جديدة عليه, لم يكن بعد يشعر بالخوف: فقد اضاءت الشمس العجائب في منطقة جديدة, حافظت علي دهشته الواسعة. قد اندهش,فكر, لماذا لم ينته العالم القديم, و لماذا ليس الافق اكثر اقتراباً؟.
مشي و مشي و قبل ان يفكر في انقضاء النهار, كان  الضوء يتكاثف. صفق الفراش بين الاشجار. قفزت الضفادع في الجحور و اطلقت الفئران صرخاتها الممزقة.  و بدأت ترتعش فوقه اول النجمات المعتمة.
كانت تلك هي اللحظة التي تستيقظ فيها الاشباح, و وجد نفسه خائفاً. أسرع خطواته بقلب مضطرب و تجسدت خلفه متاهة من الطرق, و بالصدفة, اتخذ الطريق الصحيح. كلما كانت الظلمة تنمو, تتجمع اولا في الاحراش و الشجر ثم تفيض عنهم, كان يجد نفسه و قد اقترب من قريته. كانت في البداية تبدو و كانها قريته, لكن المسافة التي قطعها جعلته – بشكل ما – متشككاً. بدت مشابهة لقريته. كانت – بالفعل – مثلها, و لكنها – بشكل ما – لم تكن هي, في مكانها. حتي الكنيسة, و هي تعلو علي الغابة, الكنيسة التي يراها كل يوم منذ تفتحت عيناه, بدت و كأنها مزيفة. خائفاً, لاهثاً, مثل طائر ضائع رفرف جسده الضئيل في اتجاه ما تمني أن يكون هو البيت.
اسمه.سمع اسمه ينادي عليه . جون! جون! جووون! أصوات القرية. باستطاعته أن يسميهم جميعا. كان يجري الآن, دون ان يجيب, نحو كوخه, شاعراً بالاطمئنان كلما اقترب. عندما خطا داخل الباب المفتوح ناحت أمه لرؤيته و جرت اليه. احاطته بذراعيها القويتين, ارتطم صدرها بوجهه.
"ظننا أنك مت. إنهم في الغابة, يبحثون عنك.ظننا انك سقطت من مكان عالٍ و أصابك سوء ... آه, و لكنك في البيت."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق