الاثنين، 27 أكتوبر 2014

الأحد، 26 أكتوبر 2014

إيقو




ربما الآن
العزاء ب
أنا
منتهي
الأشياء.
علي
الحمام
و
الخنجر.
سيحدث
أقول
بعد عام
إنها الجدران
السماء
أو
كل شئ,
ألوان بكامل
تجريدها
الحي.

الخميس، 2 أكتوبر 2014

ذبحة ... نص قديم

>>>

ذبحة


الي روح محمد عبدالمحسن (تايسون)


(إحنا اولاد العالم ...جايبين السلام من أرض السلام...إحنا اولاد العالم)...
                                                                            ناس الغيوان

- إذن انتي من نفس البلاد ...
- نعم ...(كانت الكلمة تخرج منها بصعوبة...) و قد كنا اصدقاء هناك .. كما كنت الافرب اليه هنا
- هل تستطيعين ترجمة هذه الاوراق .. يبدو أنها رسالة قديمة ... أو ما شابه..
في أثناء تصفحها لم تستطع منع بعض الدمع من الإنزلاق....
- نعم ... أرجو أن أوفق في ذلك...

(تلك الاشراقة في الخارج يزداد بريقها وانا اتكئ بالقرب منك... لم اكن أدري ان للعالم مثل هذا الضوء الذي يأخذ بيدي لمنتهي آمن مثل الآن ... جدارات السيراميك صارت مثل سحابات باردة وانا اسند عليها رأسي الخالي من كل تفكير خارجي علي غير عادته .. أن يفرغ انتباهي كله و تأملي علي نقطة واحدة طوال هذه الفترة التي احادثك فيها الآن امر سأستعجبه لاحقا ... كل الاشياء تتشكل من مجموعات من نقاط الضوء .. ضوء ابيض .. حتي هذا الشئ الغير موجود علميا و المسمي بالأثير ... هو الآخر صار ضوءا ابيضا... وسيط يحملك ضوءا الي قلبي .. بينما احمله كل عنايات الله لتكون معك ... داخلا وخارجا... 
وانا انظر اليك اراك مجرد تكوينات ضوئية .. ولكنك بالداخل تخلط الضوء بالدم ...الدم لا ينفك منك ..و كذلك انا و أمك لا ننفك ابدا من تكويناتك ... .. ايها الضوء .. الدم ... أعلم أنه منذ ان تخرج ستكون في خطر حقيقي ...مصير تقرر منذ عرفت أمك ...العتمة ... يمكنك ان تقاومها بذلك الضوء .. للحفاظ علي هذا القانون سيعمل الدم كوسيط لتلك الحركة ... و هنا لا يوجد ما يسمي بالتجديد ... الكمية التالفة عليها ان تبقي او تخرج .. ولكن بدون استبدال ...ولكن لا تنزعج فانت تحمل كميات هائلة من الضوء ... الدم سينقص بمعدل بسيط جدا إذا عرفت ان توازن ما بين ما تخرجه من ضوء ومن دم.. عفوا... كأنني عملت علي توجيهك ... و لكن عليك ان تعذرني باعتباراتها تعليقات عارضة لا الزام فيها.. فقط حديث عادي ...أو ... خوف ... حب ...حب جارف..

-بإمكانك الراحة قليلا ...
لم تستطع ابعاد عينيها عن الورق ...
- هل هي مكتملة ؟... من الواضح أنها قديمة جدا.. بالكاد أقرأها...
- لا أدري و لكن هذا كل ما وجدناه .. بالإضافة الي نوتة صغيرة ... لا يوجد فيها غير كتابة بخط اليد... يبدو أنها بذات اللغة...
- كان من الذكاء بحيث انه لا يتأخر في معرفة الناس ... خبثهم ...جشعهم ...أنانيتهم ...كان يصاب بالغثيان بالقرب من هؤلاء  ...قال لي هذه ليست أمراض .. فهي اشياء قابعة لا علاج لها .... كما أحبه أناس كثيرون ... طيبون مثله...

العتمة تنطلق من فم القائد... حين تجاوبت روحه الشجاعة .. المتحمسة لشعبه و حياة امته  .. الخالدة ... تجاوبت مع عقله ... الذي تمكن ان يحفظ و يخزن كل اركان طفولته ... فهو ابن القائد الكبير ...تجاوبها مع مناهج الكلية الحربية الممتلئة بالتكتيكات الداعمة لنظرية الهجوم قبل الدفاع .. لدرء الخطر مبكرا... العتمة انطلقت حين اعطي الأمر بأطلاق الرصاصة.... رصاصة تليها رصاصة ...تليها رصاصة... لتتوالي بعد ذلك... ليتواصل أمن البلاد .. وينام اهلها في طمأنينة ... و عدو الداخل صار الأكثر فتكا .. لذا القائد الآخر .. و الذي عاني من نفس الطفولة .. و المناهج ... عليه أن يحمي الداخل ...
الظلام ... خلف (الكراتين)... أو تحتها ... تلك المنتشرة علي جوانب الشارع الكبير .. و كل الشوارع الكبيرة .. والصغيرة امتلأت بها ... زيادة الظلام تعني هنا ان الدفء جيدا .. وأن النوم صار ممكنا... و لكن هل يحمي ذلك من أعين القائد الآخر..؟... تحت الكراتين .. تختلف الأصوات .. ما بين شخير جميل لأطفال صغار.. و ما بين دقات خائفة و تأوهات مريضة ...
مالنا نحن وهؤلاء .. عليك ألا تنظر اليهم .. أو تسمع عنهم .. عليك ان تحافظ علي كمية الدم بداخلك....يكفي ما فقدته انا..

توقفت عن القراءة قليلا و هي تنظر لأول مرة في تفاصيل الغرفة ... كانت مكتب كبير ... جزء من إحدي مكاتب المستشفي ... مكتب إداري ... يحتوي علي ملفات وارفف كثيرة مليئة..
نظرت الي الطبيب محدثة...
-منذ جئت الي بلادكم ... كانت هذه أول مرة نبتعد بهذا الزمان ... كان أول من استقبلني ... يبدو أنني اخطأت في عدم الأتصال في الفترة السابقة..ثلاثة أيام ...لقد كانت فترة طويلة..
- لا اعتقد انه يوجد ثمة من اخطأ... أعني مثل هذا الخطأ المباشر الذي تتحدثين عنه ...
 
لتفهم مغزي اللغة جيدا ... لا تكترث بالشئ.. انك حر في الاهتمام به او غير ذلك ...لذا لا تبالي بهؤلاء الذين تمتلئ اواعيهم الكبيرة بالفراغ ... لا تنظر الي حجم عظامهم الكثيرة .... لا تحاول فهم مغزي نظراتهم الحادة اليك ...او تحاول ترجمتها .. فهي مجرد نظرة خاوية ... هل تعتقد بأن الخروف عندما يحدق فيك بهذا العمق بانه يعني شيئا محددا ... بالتأكيد لا... فهو هكذا خروف .. وجد شيئا اماما و صار يحدق اليه ... ربما تخيل في لحظات انه سينقلب الي برسيم .. او اي شئ يؤكل... الخراف لا تشتكي لأحد.

الصمت هو الانفع ... عليك ان تفكر في ان تغلق فمك .. لا تتحدث كثيرا.. إصمت .. حتي وانت تتحدث الي نفسك .. حادثها في صمت.. لا تجعل المرآة تسمع هذا الهمس .. تجنبها وانت تهمس الي صمتك .. لا تفرغ صمتك الي الورق ابدا... فالورق هو الآخر ثرثار لعين .. تجنبه .. لا تستمع الي حديثي بهذا الصمت .. تكلم معي حتي لا تصير اصما.. قل لي ما شئت .. اجعلني وعاء لكل الاحاديث التي تختزنها ذاكرتك .. لأنني حينها سأتحول الي ثرثار لعين آخر .. لذا لا تأتمنني .. و لكن إذا تألمت تعال الينا ... لا تتأوه في الخارج ... لا تشكي الي احد.

- يبدو انه كان يحب الفنون ... و الآداب ... فقد وجدنا في الصالة لوحات جميلة ... هنالك نافذة صغيرة توجد في كل لوحة علي حدة ... بالإضافة لرف ملئ بالأسطوانات .. كلها كانت موسيقي بحتة ... كلاسيكية وحديثة .. كما يبدو أنه كان كثير الإطلاع ..
- نعم.. رغم صمته فقد كانت آراءه عميقة ...يمرح معنا كما نمرح ... و لكن هناك شئ ما يشغله علي الدوام ...لم يكن تخميننا بعمق انغماسه مع ذاته..


هنالك شئ سأعلمه أياك .. ساجعلك تتعود علي النوم باكرا ... حتي لا تعرف الليل .. فهو خديعتنا الكبري في هذه الحياة .. كما هو تماما حقيقتنا التي لا مفر من الهروب من صراخاتها و الآمها ... و لكن دعني اقول شئ اهم ... لا تكترث لليل.
 
حبيبي وصديقي .. هناك الكثير من الناس تعرفت اليهم ...أو صادفتهم.. لم أتحمل البقاء بقربهم لوقت قصير.. هؤلاء عندما يتحدثون يخرجون الحرف مع كميات هائلة من العرق ... وحينها سيمتلئ المكان من حولهم بالعفن ... هم كثيرون جدا.. سرعان ما تتعرف اليهم ... ستجدهم في معظم الاماكن ... في سوق الشعب ... تجوالون ... أو حتي علي مقاعد الشركات الكبيرة... تجنب هذا العفن ...كما عليك ان تجتهد لتجد بعض الريحان .. نعم هو موجود .. ولكن يحتاج الي بعض الجهد....رغم الاسفلت الذي امتلأت به هذه البلاد ... هناك بعض الحدائق تستطيع ان تقصدها.. ولكن عليك ان تصمت في استمتاعك بروائحها ... فهنالك بعض الرياحين الزائفة ... هي الاخري ثرثارة لعينة... لا تكترث اليها.

وهي تحاول تجرع القليل من الماء...
- ولكن الا تعتقد بانه كان صغيرا علي مثل هذا ... ..
- عليك أن تواصلي الترجمة ...لأنني أنا الآخر في حيرة تجاه ما تقرأينه ...
- أحايين أراه مدمع... يخبرني بأنه يفتقد و الديه ... اصدقائه ...  يحن الي أشياء كثيرة...
- يبدو فعلا من هذا النوع ...الممتلئ بالحنين ...


لا لن احرق مكتبتي الخاصة المليئة بالكتب ... و لكن لا تكترث للقراءة ... لا تحاول أن تصادق هذه الكتب ... فهم الأكثر قدرة علي تعليمك الثرثرة وكسر صمتك ... فكر بطريقتك الخاصة دون الرجوع اليها.. املا خيالك بما شئت .. و لكن لا تستلبه من الكتب .. الكتاب كائن خطير .. يوهمك باشياء زائفة ..فأحيانا يجعل منك بطلا مخلصا لهذه البلاد ... و لكن في احايين أخري يكون هو قاتلك .. فهو انتهازي .. يعرف تماما ما يدور بخلدك.. لذا.. سيعلمك الموت ...كيف تموت معه ببطء ثقيل..

الشعراء ... قبيلة الموتي ... قبيلة القتلي ....لا تكترث الي شعرهم مستمعا أو قارئا ...  لا تكن شاعرا .. لا تمت معهم....الشعر ضوء ... و كثير من الدم ينزف.

و الرسم ...صديقي الرسام أخبرني برغبته المرعبة في الرسم علي جدار كبير في هذه البلدة.. رغبة مرعبة لأنها صارت هاجسه الملازم... البلدة أكد قادتها علي النظافة ... الرسم علي الجدار سيشوه معالم المدينة ...صديقي يملأه سواد قاتم .. يرغب في التخلص منه ... استمتع بالرسم ... و لكن لا تحمله معك ... لا تكترث لهذا الصوت الذي يحاول ان يجعل منك رساما.. تكفي مثل هذه الرغبات القاتلة..

- أكثر ما كان يخبرني بماهية وجوده ..أو دائما ما يستفسر....كان من النوع الذي يمكن أن يضحي بسهولة...من أجل قيمة أو هدف نبيل...

كنت أن سافرت الي أحدي المناطق البعيدة في هذه البلاد.. وجدت طفلة صغيرة في طريقها الي المدرسة .. ...كانوا رعاة...رحالة... قد استقر جزء منهم هناك .. سألتها لماذا العلم .. قالت بأن أهلها يعانون عندما يمرضون .. و الطبيب الوحيد الموجود صارت أدويته مكلفة و العلاج باهظ.. و هي تتمني ان تكون طبيبة لإزالة هذه المعاناة و معالجتهم مجانا ... و لكن عندما تكبران انت وهي .. اخبراني عن عدد الموتي كل يوم .. و كم هم في انتظار الموت؟؟ لا تحاول البحث عن السبب.. ستفقد كميات هائلة من الدم دون جدوي .. لا تكترث .. دعهم وشأنهم...
في هذه المنطقة البعيدة .. يوجد وجه لبائعة شاي ..كم هو لطيف ... لطيف في صمته ... عندما تبحث عن الصمت إذهب اليها ....

- كانت اكثر لحظات ثرثرته عندما يأتي من مكان بعيد ...أو قريب لم نتعرف عليه من قبل .. يجيد الوصف بكلام جاذب.. الناس .. البيوت .. السوق... الحيوانات .. كل شئ ....و اكثر ما يجيده ..استعطافنا تجاه بعض الأشياء... أسرة في حوجة للمال ...مشروع بناء مدرسة صغيرة...شراء ادوية ....كتب للأطفال ...كان يحب الأطفال جدا..

لا تحاول معرفة كنه هذه الألوان الكثيرة..ستقابل الناس في الصباح بيض الوجوه .. في اماكن العمل ستجدهم اقرب الي السواد... في الحفل الليلي ستجد الوانا كثيرة ... لا تكترث لها ... فهم هكذا .. مجرد الوان ...الوان تأتي  من الداخل ... وانت دعك في هذا الخارج الآمن...بعض الشئ..
كل ما لم تكترث له ستجده علي نغمات الموسيقي ... كل أحرف الموسيقي خلقتها آهات حارقة ..لا تستشعر الموسيقي .. اسمعها من بعيد ... اخفض صوتها كثيرا حتي تأتيك أخف وطأة..الموسيقي شقيقة الرسم ... لا تحاول معها في افراز رغباتك ...لا تدندن كثيرا حتي لا تعتقد في انك ذو ملكة موسيقية...
ستجد البيت عادي...بلا روائح ... نعم هناك روائح لا تستطيع أن تتخطاها ..رائحتي ...رائحة أمك ...ستتقاسمك احضاننا.. و لكن يجب أن تنسي هذه الروائح...لا تستنشق ...ابتعد عن روائح الأماكن ...ستسافر كثيرا.. ستفارق هذه البلاد ...و ربما بلاد أخري ستفارقها ...تعود أن تحمل الأشواك ... عليك أن تتذكر جرحك في هذه البلاد حتي لا تعود اليها مرة أخري...عليك ألا تشتاق لشئ ...لا تكترث.. لا يوجد شئ في الخلف ..مجرد روائح نتنة... إمضي الي رغباتك...
هذا الرحم يحمل معك شوقنا اليك .. كما يحمل خوفنا عليك ...اصرارنا علي أن تكون دوما جميلا .. تمتلئ  بهاء و اناقة ...سنبذل قصاري جهدنا في ان تظل سليما ... كل الأشياء التي تحبها ستجدها... نحن نحبك كثيرا... أمك تتشاجر عندما أقدر هذا الحب ببعد نجم السماء...كل الاشياء المرئية تراها قريبة جدا...و لكن لا تكترث للوفاء ...لا تضحي من أجلنا يوما ...لا تضحي من أجل شئ ... لأنك حينها ستتحول الي سارق .. انتهازي ... متجبر ... سلطوي  و... خائن...لا تتسمع مثل هذا الكلام المفرغ من المعني   والذي يشترط وجود الوفاء و التضحية مع الحب ...
- عفوا لا أستطيع المواصلة ... ربما في وقت لاحق ...
- لا بأس ...كنت سأطلب منك التوقف هنا ... و لكن عليك التماسك أكثر .. حسب اعتقادي أنت من سيعمل علي إجراءات ترحيل الجثمان ...و هذا هو التقرير الطبي مكتمل  بعد أن حصلنا علي تقرير الموجات فوق الصوتية و التي أكدت سبب الوفاة ,,, ولكن ارجو أن تخبريني ماذا كتب علي النوتة

- حسنا ... نعم هذا خط يده ...و يبدو انه كان يشرع في كتابة جديدة عنونها ب.... (محاولة البحث عن سلام)..